Friday, January 15, 2010

الحمد لله انها انفلونزا الخنازير

اصبت الاسبوع الماضي بالانفلونزا واتضح من تحليل احد المعامل الخاصة انها انفلونزا الخنازير. تناولت موضوع انفلونزا الخنازير من نواحي مختلفة في مقالين سابقين ولكني وجدت اني ساقدم للقارئ زاوية جديدة عندما اتناوله من وجهة نظر المريض.

عندما ظهرت نتيجة التحليل الايجابية بدات ارى بعض المشاكل المرتبطة بالثقافة العامة التى صعبت التعامل مع هذا لمرض البسيط. تأكد لى أن الثقافة العامة عندنا ليست ثقافة مبنية على العلم بل تعتمد أكثر على العاطفة والانفعالات. كما تأثر الوسط الطبى بهذه الثقافة أيضا وموضوع الانفلونزا خير دليل.

عندما ظهرت النتيجة الإيجابية استعرضت فى ذهنى شريط المعلومات عن المرض والعدوى ولكنى اؤمن بالتخصص لذا اخذ قراراتي الصحية من الطبيب المعالج بعد مناقشته. وهنا بدات مرحلة الشك لأن ما طلبه منى لا يتماشى مع المعلومات التي جمعتها فبدات أسأل أطباء آخرين وأتابع الأطباء المستضافين على شاشات الفضائيات راجيا هذه المرة كمريض الحصول على معلومات محددة شافية. ولتتابع ما أقول حاول أن تجد اجابة جامعة للأسئلة التالية وستجد اختلافات كبيرة بين الاراء:

- ما هي فترة العدوى بالضبط قبل ظهور الأعراض وبعد انتهاء الأعراض؟

- هل الأعراض التي تحكمنا في موضوع فترة العدوى هى الحرارة أم الكحة أم ماذا؟

- متى يصبح التامى فلو غير فعال او بدون فائدة؟

- من يأخذ االتامى فلو تحديدا هل الفئات الخطيرة فقط أم أى مصاب بأنفلونزا الخنازير؟

- من ياخذ الجرعه الوقائيه للتامي فلو؟

كل هذه السئلة لها إجابات ولكنها ليست محددة. ولكنى كمريض يحدث معي فرقا هائلا أن ابقى يوما إضافيا معزولا عن أطفالى الصغار اللذين لا يعلمون ما يعييني كما انهم يروني ولكن لا يستطيعون أن يقتربوا مني.

أحسست أنه حتى الأطباء يستقون معلوماتهم عن هذا المرض بالذات من الاخبار والفضائيات والجرائد والانترنت وان معظمهم سلك مسلكا غير علمي في تناول المرض. الشاهد الأول لهذا المسلك أن أغلب الأطباء فى تحليلهم وتشخيصهم اختاروا الرد على الأسئلة باختيار أحد الاراء المتناثرة فى المراجع المختلفة بدون ذكر الآراء المختلفة او شرح تفضيله لهذا الراي او ذاك. مثالا على ذلك سؤال فترة امتداد العدوى. تجد احد الاطباء يخبرك انها اسبوع من بداية الاعراض واخر ياكد انها يومان بعد انتهاء الحراره بدون خافض حراره. الاختلاف ليس كبيرا لكنه محير جدا للمريض. المتوقع من الاطباء المتخصصون ان يذكروا مدى تنوع الاراء والسبب العلمي لتفضيله.

الشاهد الثاني على السلوك الغيرعلمي ان الاطباء انساقوا وراء الانفعالية والذعر المربتطين بانفلونزا الخنازير بل وساهموا في تفشي حالة الذعر. ابسط مساهمة ان اغلب الاطباء اضافوا الى قاموس تشخيصاتهم لاغلب حالات البرد كلمة "اشتباه"، والمقصود اشتباه في انفلونزا الخنازير. وعندما يسمع الاب او الام هذه الكلمة تبدا حالة الذعر التي تصيب البيت والاسرة الممتدة والجيران بل والمدرسة واذا اضفت ثقافة الشائعات التي سافرد لها مقالا خاصا ننتقل من حالة الذعر الى حالة الفوضى. مع العلم ان الاطباء اكثر الناس علما انه فيروس انفلونزا ضعيف لا يستدعي اي علاج استثنائي او قلق اضافي. اضرب مثال الحوار بيني وبين طبيب اطفال بعد الكشف على ابنتي وعمرها سنة ونصف منذ اكثر من شهر. خلص الطبيب انها حالة انفلونزا فيروسية انها يمكن ان تكون H1N1 بنسبة 5%. وبدا يصف مضاد حيوي مع انها لسيت من عادته في حالات الانفلونزا ولهذا انا معجب به، فسالته هل سيعالج هذا الانفلونزا حتى لو كانت H1N1 فقال لا ولكنها اجراءات احترازية. وتعجبت من ذلك لان لو اعطى الاطباء دواء لكل مرض او عرض احتمالية حدوثه 5% سيكتبوا لنا المئات من الادويه عند كل زيارة.

ما ذكرته يعتبر مؤشرا لانزلاق الكثير من الاطباء في سلوك غيرعلمي عند تعاملهم مع انفلونزا الخنازير. اما بالنسبة للعوام فالثقافة الغير العلمية هي السائدة. تجد المذيع فى الفضائية ياتي بالخبر او التحقيق المحمل بالبيانات والتصريحات والحقائق العلمية لكنك تجد الاسئلة ورد فعل الناس غير مرتبط بالحقائق المذكورة بل مرتبط بالتهويل من قبل الاعلاميين. اضرب مثالا على ذلك الحقائق والاحصائيات التى ترد يوميا على شاشات الفضائيات بخصوص انفلونزا الخنازير. أولا: فيروس انفلونزا الخنازيراضعف من فيروس الانفلونزا الموسمية وأعراضه ومضاعفاته مشابهة لما اعتاد عليه الناس في حالات الانفلونزا. ثانيا: ان نسبة الشفاء من المرض تتعدى ال 98% بدون علاج. ثالثا: يوجد علاج فعال لهذا المرض كما يوجد تطعيم ضده. رابعا: نسبة الإصابة فى مصر والوفيات لا تشير لأى خطر او وباء. عدد المصابين حوالى 14 الف مصاب أى اقل من 0.02 % من السكان، كما ان نسبة الوفيات من المصابين اقل من 1%.

من المنظور العلمى حتى الآن لا يعتبر المرض من الامراض الخطيرة باي مقياس ولم يصل بعد لدرجة الوباء في مصر من حيث سرعة الانتشار أو معدل الوفيات. اعلم انه مهما حصرت من بيانات واحصائيات علمية لن اغير من ذعر الكثيرين. لذا من المنظور الشخصي كشخص اصيب بالمرض اللعين اعلم اني اصير اكثر اقناعا خاصة واني من الفئات المعرضة للمضاعفات الخطيرة لاكثر من سبب كما ان لي رضيعه اقل من شهرين لا ينفع معها تطعيم او تامي فلو ولي ابن مصاب بحساسية الصدر ووالدي مريض بالقلب والضغط والسكر ويعيش بنفس المنزل. بالرغم من هذا كله اقول لكم انه دور عادي جدا ارتفعت درجة حرارتي لمدة يوم ونصف ونزلت بالكماداب وخافض الحراره كما تعافيت في ثلاثه ايام من اغلب الاعراض. والحمد لله باتباع الوقاية الصحية البسيطة لم ينتقل المرض لاي فرد من افراد عائلتي. لذا اؤكد مجددا من التجربة الشخصية انه مرض بسيط بل واقول احمد الله اني اصبت بانفلونزا الخنازير عن اي انفلونزا اخرى.

No comments:

Post a Comment